خطاب السفیر الترکي في مرکز الدراسات الإستراتیجیة للشرق الأوسط
حضر السفیر الترکي في طهران السید رضا هاکان تکین في یوم الإثنین 1 آغسطس / آب 2016، بین اعضاء الوفد العلمي و باحثي معهد الدراسات الإستراتیجیة للشرق الأوسط و طلاب الدکتوراه و الماجیستر من الجامعات المختلفة أیضا و عبر عن وجهات نظره حول «السیاسة الخارجیة الترکیة بعد محاولة الإنقلاب الفاشلة الأخیرة» في هذا البلد. کانت ادارة هذا الإجتماع مع الدکتور کیهان برزکر، و أقیمت هذه الجلسة بشکل التساؤل و التجاوب بین مدیر الإجتماع و المتحدث. ثم ناقش الباحثون و الطلاب آرائهم و أسئلتهم علی نطاق واسع. و فیما یلي تقریر عن هذا الإجتماع:
صنف الدکتور برزکر فی البدایة، من خلال مقدمة موجزة للدخول في المناقشة، وجهة نظره حول دعم ایران من الحکومة الترکیة ضد الإنقلاب في ثلاثة فئات. أولا، تدعم الحکومة الإیرانیة بشکل عام نظام الحکومة في المنطقة و في هذه الحالة لم یکن هناک فرقا بین سوریا، العراق او ترکیا. یعني إضعاف نظام الدولة إنتشار التطرف ثم في المرحلة الاخری الإرهاب من وجهة نظر ایران. اذا ضعفت الدولة الترکیة و أنشئت الفجوة الداخلیة، سیؤدي هذا الأمر إلی زیادة انعدام الأمن في المنطقة. في الحقیقة، انعدام الأمن في ترکیا یعني انعدام الأمن في ایران.علی هذا الأساس، ردت ایران بشکل طبیعي في الساعات الأولی من الانقلاب.
ثانیا، تعارض ایران تشکیل حکومة عسکریة في ترکیا، لأن سیکون لهذه القضیة عواقبا لا یمکن التنبؤبها في العلاقات مع ایران و مع المنطقة علی حد سواء. ترکیا عضو من اعضاء الحلف الشمال الأطلسي وهیاکلها البیروقراطیة قائمة علی الغرب بصورة تقلیدیة وستزید دولة عسکریة، الاعتماد علی الغرب و حلف شمال الأطلسي. و نتیجة لذلک، ایران التي ترید انسحاب الغرب من المنطقة، فمن الطبیعي أن تعارض تأسیس حکومة عسکریة في البلد المجاور لها. یجب أن ینظر إلی هذه القضیة من زاویة التاثیر علی نوع معرکة ترکیا ضد داعش او التعامل مع القضیة الکردیة أیضا إذ ستؤثر علی الأمن القومي لإیران أیضا.
ثالثا، یعود دعم ایران من الحکومة الترکیا، إلی نظرة ایران إلی دولة اردوغان نفسها و حزب العدالة والتنمیة. عموما، نظرة ایران للحکومة الترکیة نظرة نقدیة ایجابیة؛ أي تنتقد ایران سیاسة ترکیا في المنطقة لکن ترید تعزیز العلاقات مع هذا البلد في نفس الوقت لانها تری هذا الامر في إطار مصالحها و أمنها القومي. لذلک، لم ترید ایران وفقا لقاعدة استراتیجیة، إزالة الحکومة الحالیة في ترکیا ؛ و بالاضافة إلی ذلک تری ایران بأن التزام ترکیا بأسلوبها «المستقل» في السیاسة الخارجیة بطریقة أو أخری سیؤدي الی موازنة القضایا الإقلیمیة و لاسیما في سیاق حضور القوی الکبری. علی سبیل المثال، رحبت ایران باستئناف العلاقات بین روسیا و ترکیا و لم ترغب بإستمرار التوترات بین البلدین، أو حتی اقترحت للتوسط بین البلدین في وقت سابق لأنها لم تری وجود روسیا المفرط في المنطقة ماوراء الأزمات الإقلیمیة مثل سوریا بصالحها.
ثم، طرح الدکتور برزکر أسئلته علی السید هاکان تکین.
کان سواله الأول کالتالي: إلی أي مدی سیؤثر الإنقلاب الأخیرعلی سیاسات ترکیا الإقلیمیة ولاسیما سیاسات هذا البلد إزاء الدولة الإسلامیة (داعش)؟ لأن هذه القضیة هامة جدا من ناحیة و من ناحیة أخری قد أصیب الجیش الترکي بالإنقسام والفجوة حالیا. و رد السفیر الترکي قائلا؛ کقاعدة عامة، عندما یحظی بلد ما باستقرار داخلي ، سیتمکن من أن یلعب دوره الإقلیمي بصورة أفضل. وقد أدی وقوع هذا الانقلاب إلی ترسیخ الوحدة الوطنیة في ترکیا نوعا ما إذ سیجلب الإستقرار الوطني. و نتیجة لذلک، تستیطع ترکیا أن تلعب دورا أکثر ایجابیة في المنطقة. و اما الجیش رغم انه اصیب بتحدیات أیضا ولکن لا یزال الجسم الرئیسي للجیش موالیا للنظام السیاسي و تظهر مواجهة الجیش مع قوی الدولة الاسلامیة (داعش) و حزب العمال الکردستاني في الاسبوع الماضي بأن لاتزال هذه المنظمة العسکریة تتمع بما یکفي من القوة. و تقاتل الحکومة الترکیة کما کان من قبل، مع هذین الجماعتین الإرهابیة في المنطقة الحدودیة و داخل ترکیا.
و کان سوال الثاني لرئیس المعهد هو: إلی أي مدی ستتغیر المحاربة ضد داعش و حزب العمال الکردستاني بعد هذا الانقلاب؟ نظرا إلی أن تفضل ترکیا المحاربة ضد الأکراد علی المحاربة ضد داعش دائما. و أجاب السید هاکان تکین بأن لم تقاتل ترکیا الأکراد بل تقاتل فریقا ارهابیا یری نفسه ممثل الأکراد، مثل حزب العمال الکردستاني. کما تجدر الإشارة أیضا بأن البرلمان الترکي لدیه ممثلین من الأکراد و أعلنوا دعمهم لإردوغان بعد الإنقلاب . و من وجهة نظري، بعد تنظیف عناصر الإنقلاب الشامل ستکون فرصة مثالیة للتفاوض النهائي مع الأکراد للتوصل إلی الإتفاق و السلام.
کان السؤال الثالث للدکتور برزکر حول علاقات ترکیا مع دول المنطقة، الغرب و روسیا بعد الانقلاب؛ ما هو تاثیر المواقف و ردود الفعل التي اعتمدتها البلاد المختلفة بعد الإنقلاب في ترکیا ، علی علاقات هذا البلد معهم؟ هل ستتعرض علاقات ترکیا الدولیة تجاه الدول العربیة و الغربیة من جهة و ایران، روسیا و ترکیة من جهة أخری لبعض التغییرات المعینة؟ فیما یتعلق بهذا السؤال، اشار الدکتور برزکر إلی هذه النقطة بأن أظهرت ایران، روسیا و سوریا ردة فعلهم بعد الإنقلاب و أدانوا الإنقلاب؛ و کان للدول الأوروبیة مواقفا نقدیة تجاه الإنقلاب و لم یکن موقف امریکا واضحا جدا أیضا. لذلک، یعتقد البعض بأن سیتشکل تحالفا جدیدا في المنطقة بین ایران و ترکیا و روسیا وقد تبنت الحکومة الترکیة مواقفا أکثر واقعیة من قضایا المنطقة. علی سبیل المثال، شکر اردوغان بشارالأسد و انتقد الدول التي طعنت حکومته من الخلف (علی مایبدو الدول العربیة).
ردا علی هذا السؤال، ذکر السید هاکان تکین بأن ستنظر الدولة الترکیة إلی ردود فعل الدول و المواقف المتخذة من قبل هذه الدول کقضیة هامة.علی سبیل المثال، أن ایران لدیها موقف واضح تجاه الإنقلاب أو بعض الدول الأخری التي تماطلت في ادانة الانقلاب أو مصر التی یبدو کان لدیها آمالا کثیرة علی نتائج هذا الإنقلاب. ولکن الأهم من ذلک بأن لا یوجد أی بلدا یؤید هذا الإنقلاب. و القضیة الاخری هي أن لیس التقارب مع ایران و روسیا بمثابة قطع العلاقات او تفادي الدول الغربیة و الدول الاخری ایضا. و مع ذلک، اظهرکل بلد ردة فعل حسب مصالحه الوطنیة؛ البعض مع مزید من الشفافیة و البعض مع الحذر المضاعف. ولکن تجدر الإشارة في هذا الأثناء إلی أن اعربت ترکیا عن استیائها من ردة فعل اوروبا،لأن یبدوأن مصیر الانقلابیین و کیفیة التعامل معهم للدول الاوروبیة اهم من مصیر ترکیا و مستقبلها.
ثم، ذکر السفیر الترکي ردا علی «امکانیة التغییر في سیاسة ترکیا تجاه سوریا في المستقبل القریب نظرا لأهمیة مصالح ترکیا الوطنیة (في المعرکة ضد داعش) ، حیث تغییر سیاسة هذا البلد تجاه روسیا و حتی اسراییل هو شاهد علی ذلک»، بأن موقف ترکیا تجاه سوریا واضح. ترید ترکیا السلام و الاستقرار في هذا البلد لاننا سنستفید من هذا السلام و الاستقرار ایضا.لقد مرت بضع سنوات من الحرب الأهلیة في سوریا و لاتزال الاوضاع غیر مستقرة. و نحن نعتقد بأن لم تری سوریا لون السلام و الاستقرار مادام الأسد في السلطة . هذا هو قلق ترکیا الرئیسی.
اجاب السفیر الترکي علی هذا السؤال للدکتور برزکر بأن « هل ستواصل ترکیا اصرارها الحالي ،إذا قبلت أمریکا و الدول الأخری إبقاء بشار الأسد في السلطة ولو مؤقتا، أم ستغیر موقفها؟» هکذا: لا یحق لترکیا ، و لا أمریکا، و لا روسیا، و لا ایران و لا أي دولة أخری أن تقرر للشعب السوری و تفرض شخصا للسیطرة علیهم. الشعب السوری هو الذی یجب أن یختار الشخص المطلوب له بنفسه عن طریق الانتخابات.
و کان السؤال الاخیرلرئیس المعهد حول«اسباب ردة فعل الاحتیاطیة للدول العربیة ولاسیما الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تجاه الانقلاب». و في هذا الصدد، قال السفیر الترکي بأن لا أحد یعرف سبب هذا الحذر. ربما کانوا نائمین لیلة الانقلاب و غیر قادرین علی مراقبة الأخبار و اظهار ردود الفعل في الوقت المناسب. بالطبع، هذه هي مزحة و ینبغي أن لا تؤخذ علی محمل الجد. اتخذت ایران موقفا مناسبا و فی الوقت المناسب في هذا الصدد حیث هذا الامر صورة من التقلید والنظام الدبلوماسی لدیهم. ولکن لم یتمتع الجمیع مثل ایران بهذا النظم و التقلید الدبلوماسی. ومع ذلک، اتصل ملک المملکة العربیة السعودیة و امیر قطر اتصالا هاتفیا مع الرئیس الترکي و أعربا عن دعمهما له. و في شأن الإمارات المتحدة العربیة، هناک الکثیر من المضاربة و الإدعاءات حول دعمهم المالي من الانقلابیین ولکننا لم نحصل علی وثائق موثقة و متسقة في هذا المجال فمن الطبیعي لا یمکن أن نعمل علی اساس التخمین و الافتراض. وحتی قام الاماراتیون بمساعدتنا في بعض المجالات ایضا،علی سبیل المثال، في مجال اعتقال اثنین من جنرالات الجیش في مطار دبی.
ثم، طرح المشارکون فی الاجتماع اسئلتهم من السید رضا هاکان تکین السفیر الترکي في ایران.