اهم التحاليل لقرار بوتين بسحب القوات الروسية من سوريا
کانت مبادرة بوتین بسحب القوة العسکریة الروسیة من سوریا، مفاجئة للجمیع. و أدت هذه المبادرة الی تحالیل مختلفة من اهمها:
تزامن هذا العمل مع بدایة مؤتمرجنیف 3، والتحام مع القضایا المرتبطة بهذا المؤتمر وکان نتیجة لاتفاق أمریکا و روسیا. قد ارادو انشاء نوع من توازن القدرة بین الحکومة السوریة والمعارضة المدعومة من قِبل ترکیا و المملکة العربیة السعودیة : روسیا بالتراجع من سوریا و امریکا من خلال مذاکرة اوباما مع التحالف الأطلسی والانتقاد من ترکیا والمملکة العربیة السعودیة، حتی یصبح الوصول الی الوفاق بین الجانبین أسهل.
وقد رفضت السلطات السوریه -التی لربما تفاجئت- ان تعترف بهذا الامر، لأنها لا ترید ان تظهر بانها فقدت روسیا، لذا تؤکد مرارا بأن تم هذا الانسحاب بالتنسیق الکامل مع الأسد وکان موعد المحدد للعملیة الروسیة اساسا ثلاثة اشهر فحسب، الذی استمر حتی خمسة اشهر. وقد حققت القوات السوریة والشعبیة تقدمات جیدة خلال هذه الفترة ولاحاجة لوجود واسع النطاق من روسیا، بینما قد حفظت روسیا وجودها القوي في القاعدة البحریة طرطوس والقاعدة الجویة في اللاذقیة وقد استدعت جزء صغیر من قواتها فحسب.
وحللت المملکة العربیة السعودیة و اجهزة دعایتها الواسعة هذا العمل؛ بأن تصریحات ولید المعلم القاسیة اغضبت روسیا، حین صرح: « بأن بشار الاسد هو ملک الشعب السوری و هو الخط الاحمر و لا یسمح لأحد ان یحدد موعدا لاجراء الانتخابات في سوریا.». لأن روسیا و امریکا وافقا علی ان یتم اجراء الانتخابات 18 الشهر المقبل. بینما حددت سوریا 13 نیسان / أبریل موعدا للانتخابات. بالاضافة الی ذلک، وفقا لوجهة نظر روسیا علی الاسد الذهاب في الاخیر (عاجلا ام آجلا) وجاء الحدیث حول الفیدرالیة في سوریا ایضا. لذا غضب بوتین في حواره مع الاسد من خلال الاتصال الهاتفي و أمر الانسحاب.
وقد صرح بعض الاصدقاء في طهران الذین لیسوا مقتنعین باقتراب ایران من روسیا؛ بان لایمکن الوثوق بالروس و ستتخلی روسیا عن اصدقائها في المواقف الحساسة. ویجب علینا الحفاظ علی نوع من التوازن في علاقتنا مع روسیا و امریکا، و نتابع خطة العمل المشترک الشاملة 2 و 3.
لکن التحلیل الأدق هو ان تحرک روسیا عمل تکتیکي؛ مع بدایة مؤتمر جنیف الثالث اعلان التراجع من قبل روسیا کان الخیار المناسب، لکی تقوم سوریا باتخاذ مواقف حادة وقویة ولم یکن لروسیا اي مسوؤلیة تجاه هذه المواقف ولم یطلب ای احد منها الضغط علی سوریا. و یعنی هذا بان تم اجراء تصرف روسیا بالتنسیق مع الحکومة السوریة. الآن یمکن لروسیا تلبیة المملکة العربیة السعودیة و اقناعها، و في نفس الوقت لم تتحمل روسیا اي مسؤولیة تجاه مواقف ولید المعلم الحادة ایضا.
احدی الدلائل الهامة لهذا التحلیل هو ان دخول روسیا الی سوریا هو في الحقیقة مبادرة استراتیجیة للحضور في منطقة الشرق الاوسط. والکمیة من الاسلحة التي اوردتها روسیا الی سوریا لم تکن للمواجهة مع داعش فحسب بل تشمل المنطقة بأکملها، لاسیما ان الروس من خلال اطلاق الصواریخ الاستراتیجیة من بحر قزوین والبحر الابیض اثبتت ان هذا الحضور هو استراتیجي. ولم یتم هذا الحضور الاستراتیجی الا من بعد التحالف مع ایران و سوریا و بوتین لیس الشخص الذی یصبح غاضبا فجأة و یقوم بآتخاذ قرار سلبی.
النتیجة: اجراء روسیا هو عمل تکتیکي واکثر من ذلک عمل استعراضي.