إيران تستخدم استراتيجية “الإحتواء متعدد الجوانب” في مكافحة التهديدات

عُقدت الجلسة السنوية “کلوپوالداي”؛ تحت عنوان: “روسيا في الشرق الأوسط: اللعب في كل الميادين” بالعاصمة موسكو، بمشاركة “محمد جواد ظریف”، وزیر الخارجية الإيراني، و”سید کاظم سجاد پور”، أستاذ العلاقات الدولية ورئيس مكتب الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية، و”کیهان برزکر”، أستاذ العلاقات الدولية ورئيس معهد الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية. وقد تركزت محاور كلمة “كيهان برزکر” على ثلاث نقاط:

 

ضرورة تغيير النظرة إلى المنهج الإيراني

الأولى: منهجية الرؤية للدور الإيراني الإقليمي التي يجب تغييرها.. وتطرق في كلمته إلى النقاشات الحالية في الغرب، وبعض الدول العربية الإقليمية، على خلفية أن إيران هي مصدر الاضطرابات في المنطقة، وضرورة الاستفادة من فرصة صعود “دونالد ترامب” إلى السلطة بالولايات المتحدة الأميركية لإحتواء القوة الإيرانية، وبالتالي القضاء على مشكلات المنطقة.

 

وقد أكد على مثل هذه الرؤية خلال الجلسة التخصصية الثانية للمؤتمر. لكن مشكلة المنطقة ليست إيران، لأنها تحارب ضد “داعش” وسائر التنظيمات الإرهابية، وهي تريد، (على الأقل من المنظور الإيراني)، الاستقرار في المنطقة. والمشكلة الرئيسة في هذا التعاطي مع الدور الإقليمية الإيراني هو تقليل الطرف المقابل من قدرات الاستفادة من الدور الإيراني. والحقيقة أن إيران سوف تبقى بالمنطقة على أي حال؛ وسوف تستمر في أداء دورها. لكن ما يحوز الأهمية هو كيفية أداء هذا الدور، والذي يجب أن يتغير من المنظور الفكري للطرف المقابل.

 

من هذا المنطلق، يقوم التعاون الروسي مع إيران على منطق بسيط؛ وهو الفهم الروسي الدقيق لمشروعية الدور والقدرات الإقليمية والمخاوف الأمنية الإيرانية، ومن ثم السعي للتفاهم والتحاور مع هذا البلد.

 

وأضاف “برزکر”: “روسيا تعلم أن إيران طرف خاص له منافسين، وهذا يفرض حتمية الإبقاء على قناة الحوار مع إيران، (من المنظور الروسي)، مفتوحة. كذلك تدرك روسيا جيداً أن إيران تتمتع بالقدرة على حشد القوات الداخلية في ميدان القتال، وبالتالي روسيا لا تستطيع بل لا تريد تجاهل الدور الإيراني، وإلا فإن روسيا وإيران ليستا بالضرورة حليفاً إستراتيجيًا في الأزمة السورية. ولا شك تحظى الدولتين بفهم إستراتيجي مشترك لضرورة تطوير العلاقات في منطقة الشرق الأوسط بالشكل الذي يخدم مصالح البلدين على الصعيدين الإقليمي والدولي”.

 

التهديدات التقليدية وغير التقليدية

النقطة الثانية، ضمن مجموعة المحاور التي ركز عليها رئيس “مركز أبحاث الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية”، تُعني بالمنطق الإستراتيجي للحضور الإيراني الإقليمي. وقال: “لا ننسى أن التطورات الإقليمية بالنسبة لإيران مقلقة ومصحوبة بالديناميات الجديدة، وإيران ككل الدول تتخذ رد فعل ضد هذه التهديدات بشكل طبيعي. وعليه فالمنطق الإستراتيجي الإيراني في ظل الأجواء الحالية هو القضاء بشكل متوزاي على التهديدات التقليدية وغير التقليدية. والتهديدات التقليدية تتعلق بشكل تقليدي بالتهديدات الأميركية والإسرائيلية ومناقشات الردع. وغير التقليدية تتعلق بالإرهاب الداعشي ونمو التطرف الجديد، والذي يمثل تهديداً مباشراً للاستقرار الإيراني، وحالياً يؤخذ على محمل الجد في السياسة الداخلية والرأي العام المحلي. وتزداد أهمية الموضوع وصعوبته حين ندرك، من منظور الساسة في إيران، العلاقة بين التهديدات التقليدية وغير التقليدية ودور الأيادي الخفية في ظهور وتقوية التنظيمات الإرهابية بدعوى الأمن والمصالح الإيرانية”.

 

يستطرد “كيهان برزﮔر” وعليه تتبنى إيران إسترايتجية «الإحتواء متعدد الجوانب»؛ مع التركيز على سياسية «الدفاع الوقائي» في القضاء على تلكم التهديدات. بعبارة أخرى فالشعور بالخطر الإقليمي قوي من المنظور الإستراتيجي الإيراني، وهذه التهديدات في الرؤية الإيرانية تنبع دائماً من المنطقة. حرب “صدام” ضد إيران، ساهمت في انتشار القواعد العسكرية الأميركية حول إيران، ناهيك عن المخاطر العسكرية الإسرائيلية، والتهديدات الداعشية وكلها تنبع من المنطقة، وعليه مسألة عدم إرتباط القضايا العربية بإيران وإستدعاءها اليوم من جانب بعض المتكلمين بالمؤتمر مرفوض نوعاً ما؛ لأن قضايا المنطقة متشابكة. وتقوم إستراتيجية «الإحتواء متعدد الجوانب» على مبدأين؛ الأول: الاعتماد على المصادر المحلية المستقلة والاستفادة من الموقع الجيوسياسي في القضاء على المخاطر والقيام بدور مناسب. والثاني: تقوية التعاون الإقليمية للحيلولة دون تأويل الوجود الأميركي في المنطقة. إيران لا يسعدها شيوع الاضطرابات بالمنطقة، وهي تستشعر الخطورة جراء هذه الاضطرابات.

 

سياسة الرهان على اسقاط إيران من الداخل ترتد على المنطقة اضطراباً

كما تدور النقطة الثالثة، في محاور كلمة “كيهان برزکر”، حول منهجية الحوار مع إيران؛ والذي يحتاج إلى التغيير. يقول: “بخلاف بعض الرؤى، فإن حل مشكلات المنطقة يكمن في الإحتواء والعزل وفرض العقوبات الاقتصادية والسعي لإسقاط إيران من الداخل، وهو ما تسعى إليه بعض الأطراف. والاستفادة من هذه الأساليب سوف يؤدي إلى نتائج عكسية؛ وقد تكون مصحوبة بنشر الاضطرابات في المنطقة. وخبرات الأزمات السابقة تعكس أنه في ظل هكذا أجواء فإن وضع القدرات السياسية للقيام بدور والتحالف مع إيران سوف يخدم بالنهاية في الوصول إلى حلول سياسية. والاعتماد على الملف – المحوري في المفاوضات الجارية ينبع عن هذه الميزة وفي هذا الصدد يجب الاعتراف أن التطورات الإقليمية تغيير مفهوم الحرب والاستقرار الإقليمية من المنظور الإيراني، وكذلك تؤثر على توجه السياسيات الإقليمية الإيرانية، من هذا المنطلق تأكيد المنافسين على السياسات الإقليمية الإيرانية باعتبارها سياسة حكومية غير دقيقة. والحقيقة أن مسألة التهديدات الإقليمية ترتبط ومصالح «الحكومة الوطنية» الإيرانية”.

 

 


الکاتب

کیهان برزکر

الدکتور کیهان برزکر رئیس معهد الدراسات الإستراتیجیة للشرق الأوسط و هو عضو هیئة التدریسیة في جامعة آزاد الاسلامیة – وحدة العلوم والبحوث الأکادیمیة – و رئیس مجموعة العلوم السیاسیة و العلاقات الدولیة في هذه الجامعة. إن الدکتور برزکر خبیر وباحث في شؤون الشرق الأوسط والخلیج الفارسي، وکذالک في العلاقات الایرانیة – الأمریکیة والعلاقات العراقیة الجدیدة وقضایا الملف النووي الایراني.


1.دیدگاه های ارسال شده توسط شما، پس از تایید در وب سایت منتشر خواهد شد
2.پیام هایی که حاوی تهمت یا بی احترامی به اشخاص باشد منتشر نخواهد شد
3.پیام هایی که به غیر از زبان فارسی یا غیر مرتبط با مطلب باشد منتشر نخواهد شد